سورة الأنفال - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)}
{وَإِذْ قَالُواْ اللهم} الآية، قالها النضر بن الحارث أو سائر قريش لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم: دعوا على أنفسهم إن كان أمره هو الحق، والصحيح أن الذي دعا بذلك أبو جهل رواه البخاري ومسلم في كتابيهما، وانتصب الحقَ لأنه خبر كان.
وقال الزمخشري: معنى كلامهم جحود أي: إن كان هذا هو الحق فعاقبنا على إنكاره، ولكنه ليس بحق فلا نستوجب عقاباً، وليس مرادهم الدعاء على أنفسهم، إنما مرادهم نفي العقوبة عن أنفسهم. {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم {وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي لو آمنوا واستغفروا فإن الاستغفار أمان من العذاب قال بعض السلف: كان لنا أمانان من العذاب وهما وجود النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ذهب الأمان الواحد، وبقي الآخر، وقيل: الضمير في يعذبهم للكفار، وفي وهم يستغفرون للمؤمنين الذين كانوا بين أظهرهم {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ الله} المعنى أي شيء يمنع من عذابهم وهم يصدون المؤمنين من المسجد الحرام والجملة في موضع الحال، وذلك من الموجب لعذابهم {وَمَا كانوا أَوْلِيَآءَهُ} الضمير للمسجد الحرام أو لله تعالى {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} المكاء: التصفير بالفم. والتصدية: التصفيق باليد. وكانوا يفعلونها إذ صلى المسلمون ليخلطوا عليهم صلاتهم.


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)}
{يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} الآية نزلت في إنفاق قريش في غزوة أحد وقيل: إنها نزلت في أبي سفيان بن حرب، فإنه استأجرالعير من الأحباش فقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد {تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} أي يتأسفون على إنفاقها من غير فائدة أو يتأسفون في الآخرة {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} إخبار بالغيب {لِيَمِيزَ الله الخبيث مِنَ الطيب} معنى يميز: يفرق بين الخبيث والطيب: ما أنفقه المؤمنون، واللام في ليميز على هذا تتعلق بيغلبون، وعلى الأول بيحشرون {فَيَرْكُمَهُ} أي يضمه ويجعل بعضه فوق بعضه.


{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)}
{إِن يَنتَهُواْ} يعني عن الكفر إلى الإسلام لأن الإسلام يَجُبّ ما قبله، ولا تصح المغفرة إلا به {وَإِنْ يَعُودُواْ} يعني إلى القتال {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} تهديد بما جرى لهم يوم بدر وبا جرى للأمم السالفة {حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} الفتنة هنا الكفر، فالمعنى قاتلوهم، حتى لا يبقى كافر، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8